بسم الله الرحمن الرحيم
بقى للعرس إسبوعين فقط و (( الأم )) فى غمرة سعادتها وهى تحضر جهاز بنتها و لأنها تنتظر هذا
اليوم بعد عناء ومشقة وتضحية وسنين من الجهد والعطاء وتبذل كل مافى وسعها فانها تريد لإبنتها
أن تكون عروسا مميزة بعد أن كانت مميزة بأخلاقها وبتدينها وبعلمها فقد أنهت أخر فصل
دراسى بالمركز الأول فى كلية الهندسة وهى متميزة أيضا بجمالها الفائق وفى غمرة التجهيز
أصيبت (( الأم )) بوعكة نقلت على إثرها إلى المستشفى وهنا كان الخبر المشؤوم
(( الأم )) مصابة بسرطان الرئة وهى فى حالة خطيرة ....
أبت (( الأم )) إلا أن تكمل لإبنتها ورفضت قطعيا أى تأجيل للعرس وأصرت أن تمشى الامور كما
خطط لها وفى يوم العرس ساءت حالة (( الأم )) ونقلت إلى المستشفى مع توصيتها أن يتم كل
شىء كما هو ....
وصارت الحفلة ومضى بعض الوقت والعروس تحاول أن تعمل بوصية أمها ولكن كيف
تفرح و أمها هناك ترقد فى المستشفى و فجاة من دون سابق إنذار ذهلت الحاضرات وهن ينظرن
إلى العروس بإستغراب ودهشة وهى تركض نحو باب قاعة الحفل لم ندري فى البداية
ما الذى جعل العروس تتجه إلى الباب وركضت ولم تحس بفستانها الأبيض الطويل وطرحتها تجر
خلفها وهناك المنظر والصورة التى لا زالت معلقة فى ذهن جميع الحاضرات
لقد ذهبت مسرعة نحو الباب لتحتضن شخصا عزيزا عليها لقد أبت (( الأم )) إلا أن تذهب لترى
فلذة كبدها وفرحة عمرها إبنتها وهي بالفستان الأبيض ضربت بعرض الحائط بنصائح الأطباء
وتحذيراتهم بمدى الخطر الذى ممكن تتعرض له إن هى خرجت من المستشفى وبعد عناق و قبلات
بين (( الأم )) و إبنتها
والله لم تبق كبيرة ولا صغيرة من الحاضرات إلا وأخرجت منديلها لتمسح دموعها
وبعد فترة قصيرة جاءت سيارة الإسعاف لتأخذ (( الأم )) بعد أن كحلت عيناها برؤية إبنتها العروس
إنه فعلا موقف صعب جدا أن يمحى من الذاكرة هكذا هى (( الأم )) تضحى لاجل أولادها حتى آخر
نفس فى حياتها